قالت شبكة «بي بي سي» الناطقة بالعربية، الخميس 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن الحكومة الإثيوبية أكدت أن المحادثات التي تُجرى في واشنطن بشأن سد النهضة ليست مفاوضات.
ويأتي هذا في الوقت الذي قال فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه أجرى محادثات مع مسؤولين من مصر وإثيوبيا والسودان بخصوص سد النهضة، وإنهم توصلوا لاتفاق يحل النزاع الطويل بين الأطراف.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان توصلوا لاتفاق، الأربعاء 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على العمل من أجل التوصل لاتفاق شامل ومُستدام بشأن ملء وتشغيل مشروع سد النهضة في إثيوبيا بحلول 15 يناير/كانون الثاني 2020.
وفي بيان مشترك صدر بعد أن استضاف وزير الخزانة ستيفن منوتشين محادثات في مسعى لحل الخلافات بشأن سد النهضة الكبير في إثيوبيا، قال الوزراء إنهم سيحضرون اجتماعات أخرى في واشنطن يومي 9 ديسمبر/كانون الأول و13 يناير/كانون الثاني لتقييم مدى التقدم الذي حققوه في مفاوضاتهم.
إلا أن الحكومة الإثيوبية لا ترى المباحثات بهذا الشكل.
الحكومة الإثيوبية لا ترى المباحثات بهذا الشكل!
حيث صرح نيبيات غيطاشو، المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، لشبكة «بي بي سي» بأن بلاده لا تعتبر المحادثات مجالاً للتفاوض، لكنها تشارك كما تفعل الأطراف الأخرى بهدف توضيح الموقف.
وأضاف غيطاشو: «هذه ليست مفاوضات والولايات المتحدة ليست وسيطاً، ولا يمكن أن تكون هذه هي اللهجة الصحيحة للحوار».
وقال كاميرون هادسون، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو مركز إفريقيا في مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية، إن اجتماعات واشنطن «لم تكن مبرمجة»، لأن الولايات المتحدة لم تعمل من أجل الوساطة في قضية مياه النيل، مضيفاً أنه لا يتوقع الوصول إلى حل.
واستغرب هادسون إشراف وزير الخزانة ستيف مانوتشين على هذه الاجتماعات وليس مايك بومبيو باعتبار وزارة الخارجية أكثر اطلاعاً وخبرة في مثل هذه القضايا.
وعبّر ويتني شنايدمان، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية السابق، أيضاً عن استغرابه من إقحام واشنطن نفسها في قضية مياه النيل، علماً بأن إدارة ترامب لم تقترب من القضايا الإفريقية.
فيما أكد أن حل مشكل سد النهضة الذي تقول مصر إن بناءه يقلل من حصتها في مياه النيل سيكون خدمة كبيرة للمنطقة.
أزمة سد النهضة
ومؤخراً أعلنت إثيوبيا ومصر قبولهما المشاركة في مفاوضات بشأن سد النهضة تستضيفها واشنطن، في أعقاب إعلان القاهرة أن المباحثات وصلت إلى «طريق مسدود»، يحتاج وسيطاً، وهو ما رفضته أديس أبابا في البداية.
واكتسبت قضية السد زخماً دولياً في الآونة الأخيرة، كان أبرز مظاهره اقتراح روسيا، أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، القيام بوساطة لحل الأزمة المتعلقة بعدم الاتفاق على عدد سنوات وقواعد ملء وتشغيل السد.
مخاوف القاهرة
وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، والبالغة 55 مليار متر مكعب، في حين يحصل السودان على 18.5 مليار.
فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الكهرباء في الأساس.
وسبق أن قالت الرئاسة المصرية، في وقت سابق، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «مهتم شخصياً» بنجاح مفاوضات سد النهضة، التي تستضيفها واشنطن، الأربعاء.
وأوضحت في بيان، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الأمريكي، تناول عدداً من الملفات الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقدَّم السيسي «الشكر» إلى ترامب على «استضافة ورعاية الولايات المتحدة للمفاوضات الثلاثية الخاصة بسد النهضة»، والتي تجري في واشنطن الأربعاء، على مستوى وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا.
ويشكل سد النهضة أزمة حقيقية للقاهرة بسبب تأثيره على المياه
وسجلت أزمة سد النهضة الإثيوبي حضوراً طاغياً في مصر وإثيوبيا، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، فيما يشبه «الفيضان»، بعد أشهر من الهدوء النسبي، وسط آمال بانفراجة خلال المفاوضات التي انطلقت في واشنطن 6 نوفمبر/تشرين الجاري.
وشهدت الخرطوم، يومي 4 و5 أكتوبر/تشرين الأول، الاجتماع الثلاثي لوزراء الموارد المائية والري في مصر والسودان وإثيوبيا، لبحث ملف السد.
وفي حين لم يصدر عن الاجتماع بيان ختامي، ناقش الوزراء الثلاثة «مقترحات ملء وتشغيل السد، ونتائج اجتماعات اللجنة الفنية الثلاثية، التى بحثت تلك المسألة على مدى 4 أيام».
تصريحات «تصعيدية» و«تهديدية»
وتفرَّد الجانب المصري في أن تصريحاته كانت «الأكثر فيضاً» حول القضية وعلى أعلى مستويات الدولة، حيث شدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على أن الدولة بـ «مؤسساتها كافةً ملتزمة» بحماية مياه النيل.
كما أن إثيوبيا هي الأخرى لم تتوقف عن التصريحات وإن كانت بوتيرة أقل، لكنها أثارت كثيراً من الجدل، خاصةً تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد، أمام البرلمان، في 23 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال آبي أحمد أمام البرلمان: «لا توجد قوة يمكنها منع إثيوبيا من بناء سد النهضة»، مشيراً إلى أن بلاده «ستحشد مليون شخص للدفاع عن السد عند الضرورة، لكن الحرب لن تفيد أحداً».
وردَّ الجانب المصري، في بيان للخارجية، معبّراً عن «صدمته» من تلك التصريحات، ومعرباً عن رفضه واستنكاره لها.
وهدأت الأمور نسبياً بين الجانبين مع اجتماع السيسي وآبي أحمد في روسيا، على هامش القمة الروسية-الإفريقية، الأسبوع الماضي.
كما وجّهت واشنطن دعوة إلى مصر والسودان وإثيوبيا، للقاء في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، من أجل «التباحث حول كسر جمود مفاوضات سد النهضة الإثيوبي».
وأعلنت مصر وإثيوبيا والسودان، في بيانات منفصلة، المشاركة في المفاوضات بغية «كسر جمود» المفاوضات.