نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية، تقريرا سلطت فيه الضوء على رجل الأعمال والفنان المصري المعارض محمد علي، الذي أشعلت فيديوهاته شرارة حركة احتجاج “سرعان ما تم إخمادها”.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن رجل الأعمال، “الذي جمع ثروة في مصر بفضل المشاريع العقارية مع الجيش والرئاسة، وجّه العديد من الاتهامات حول الفساد الذي ينتشر في ظل نظام السيسي”.
وقال محمد علي إنه “محل تعقب في منفاه في إسبانيا”، بحسب الصحيفة.
وتضيف “لوموند”: “في مكتب فارغ يقع في الجزء العلوي من مبنى في حي برشلونة، توجد بعض الطاولات والكراسي البيضاء ومجسم صغير. ولم يتبق من الطموحات الكبرى لمحمد علي عندما استقر في إسبانيا في شهر آب/ أغسطس 2018 سوى مخطط هذا المشروع، المسمى “بنور المعرفة”، وهو مجمع تعليمي ضخم تحت أهرامات زجاجية”.
وتتابع: “بعد ذلك بسنة واحدة، وضع رجل الأعمال المصري البالغ من العمر 45 سنة حياته في خطر وقال إن هناك من يتعقبه. وقد جعلت منه سلسلة من مقاطع الفيديو التي يتهم فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي وجنرالاته بالفساد، العدو الأول المعلن في مصر والقائد غير المتوقع لحركة احتجاج ضد السلطة دامت يومي 20 و21 أيلول/ سبتمبر، قبل أن يتم إخمادها باستعمال القمع”.
وذكرت الصحيفة “أنه في هدوء ظاهري، خانه تشنج عصبي على مستوى الساق، يعترف الرجل قائلا: أنا في حالة صدمة، أنا لا أفهم ما الذي يحدث معي. لم أكن أتوقع أن تتخذ الأمور حجما مماثلا”.
“الجميع حولي”
وتقول الصحيفة: “يعيش محمد علي مختبئًا مع بعض الأقارب، لكنه يشعر بأنه محاط اليوم وقال واعدا بمفاجأة قريبًا: قبل ذلك، كنت أعتقد أنني وحدي، أما الآن، فأنا محاط بأعضاء من المعارضة من جميع الأطراف العلمانية واليسارية والليبرالية والإسلامية والإخوان المسلمين. لقد قُبرت الحركة بسبب القمع، لكننا سنفعل شيئًا آخر غير المظاهرات، إنه سر”.
وتتابع: “ببساطة واندفاع، يتحدث محمد علي بلهجة مصرية، دون خطاب سياسي، ولكن بفصاحة مدهشة عن عشرات القصص عن الفساد والمجاوزات في مشاريع قام بها، مع شركته “أملاك” للبناء، لصالح الجيش على مدار السنوات الخمس عشرة الماضية، وفيلات عبد الفتاح السيسي ومشاريع فندقية رفيعة المستوى”.
وعلى الرغم من عدم امتلاكه أي مستند لدعم مزاعمه، إلا أنه صرح قائلا: “برهاني الوحيد هو كلامي والمشاريع الموجودة التي يمكن للجميع رؤيتها بأعينهم”.
وبينت الصحيفة أن محمد علي “انقطع عن الدراسة في سن الـ15 سنة لمساعدة والده، وهو بطل سابق في كمال الأجسام، في إدارة متجر مجوهرات متواضع”.
ومن وظيفة بسيطة إلى أخرى، تشارك في سن الـ26 عاما، مع ابن لواء بارز في مجال مشاريع العقارية لشركة الاتصالات عن بعد المملوكة للدولة.
والجدير بالذكر أنه تحت رئاسة حسني مبارك، يتمتع الجيش بحق الوصول إلى عقود الدولة. وأكد محمد علي: “أنا ذكي وأجيد العمل، لكن رغم كل شيء، يتعين عليك دفع عمولات حتى يحصل على الأعمال، وبالنسبة لي، لقد دفعت كثيرًا”، وقد قال إنه دفع “عمولات بقيمة 50 بالمئة لكل مشروع”.
“فيلا وزير الدفاع”
وعموما، ازدهرت أعمال محمد علي حتى أتيحت له فرصة ستغير له حياته المهنية. فإثر الإطاحة بحسني مبارك في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني/ يناير سنة 2011، انتخب محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، رئيسًا للدولة في أيار/ مايو سنة 2012.
وعقب ذلك، كُلف محمد علي ببناء فيلا وزير الدفاع الجديد، عبد الفتاح السيسي، وهو مشروع تبلغ تكلفته 60 مليون جنيه مصري ويقول إنه دفع رشوة بقيمة خمسة ملايين جنيه للحصول عليه، وهو ما يعادل مليون يورو في ذلك الوقت. “لم أكن أعرف حينها من يكون. أخبرتني أمي فقط عن زواج ابن عمي، وهو نجل جنرال بارز، بابنة السيد السيسي، آية”.
ونقلت الصحيفة عن محمد علي أنه منذ هذا المشروع، نما في داخله الكره تجاه السيسي؛ “في الشارع، كانت هناك حرب بين الإخوان المسلمين والشعب. وحدثت وفيات، وبدلاً من إيقاف حمام الدم هذا، كان يأتي لرؤية موقع البناء وينتابه القلق بخصوص مطبخه المستقبلي، والمراحيض”.
“فساد يتجاوز فترة مبارك”
وتنقل الصحيفة عن رجال الأعمال قولهم إنه شهد، تحت رئاسة السيسي، فسادًا “بنسب تتجاوز تلك التي حدثت خلال سنوات حكم مبارك، وإفراطا في تنفيذ مشاريع “بلا جدوى” من جانب جنرالات يتنافسون على صداقة الرئيس والثراء. وأفاد رجال الأعمال بأنه “ينبغي عليك أن تفعل كل ما يحلمون به وما يريدونه. ولا يمكنك التحدث عن الأمر، وإلا فأنت ميت”.
ويؤكد أحد أعضاء المعارضة المنفيين الذي طلب عدم الكشف عن هويته: “لدينا جميعا عدو مشترك. لقد وجدنا في محمد علي شخصًا يعرف كيف يتحدث إلى الشعب، وقادرا على التأثير عليه. ومع وجوده كمتحدث باسم الشعب وبالإضافة إلى أفكار المعارضة في المنفى، يمكننا أن ننشئ قوات جديدة”.
وفي الختام، أفادت الصحيفة بأنه مع ذلك، يمكن أن يهدد عدم وجود اتصال بينهم وبين المعارضة من الداخل فرص نجاحهم”.