منحت بريطانيا رخصةً لبيع أسلحة قيمتها أكثر من 14 مليون جنيه إسترليني (17.8 مليون دولار) لإسرائيل، العام الماضي، واستمرَّت في ذلك حتى عندما اتُّهم الجنود الإسرائيليون بإطلاق النار عمداً على المحتجين الفلسطينيين عند حدود غزة، فيما تقول الأمم المتحدة عنها إنها ربما تكون جرائم حرب محتملة.
موقع Middle East Eye البريطاني، أوضح أن الأسلحة التي صرَّحت الحكومة ببيعها شملت الذخائر، ومكونات البنادق الهجومية، وأنواعاً أخرى من الأسلحة التي يمكن استخدامها للقمع، وذلك بحسب التفاصيل الصادرة حديثاً عن وزارة التجارة الدولية، التي جمعتها حملة Campaign Against the Arms Trade لمكافحة تجارة الأسلحة.
وكُشف عن هذه المبيعات بعدما أمرت محكمة بريطانية الحكومة البريطانية، الأسبوع الماضي، بالتوقف عن السماح ببيع أسلحة للسعودية؛ لأنها فشلت في تقديم تقييم كامل حول ما إذا كانت المعدات قد تُستخدم في خرق للقانون الإنساني الدولي في الحرب في اليمن.
صفقات بعد أيام من مقتل عشرات الفلسطينيين
تمت إحدى عمليات بيع الأسلحة بقيمة تجاوزت 125 ألف دولار من معدات التدريب العسكري، في 18 مايو/أيار من العام الماضي، أي بعد أربعة أيام من مقتل 68 فلسطينياً على يد القوات الإسرائيلية، في أكثر الأيام دموية في غزة، منذ الهجوم الإسرائيلي عام 2014.
ورفضت وزارة التجارة الدولية إعطاء موقع Middle East Eye مزيداً من التفاصيل حول المعدات وكيفية استخدامها.
جاءت الموافقة على عملية البيع في نفس الأسبوع الذي وصفت فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي عمليات قتل الفلسطينيين بأنها «مقلقة للغاية»، وقالت إن هناك حاجة مُلحّة لمعرفة سبب استخدام القوات الإسرائيلية الرصاص الحي.
نتنياهو وماي في لقاء سابق/ رويترز
أضافت ماي في مؤتمر صحفي عُقد يوم 15 مايو «في الوقت الذي لا نشك فيه في حقِّ إسرائيل في الدفاع عن حدودها، فإن استخدام الرصاص الحي وما يُسببه من خسائر في الأرواح هو أمر مقلق للغاية. نحثّ إسرائيل على ضبط النفس».
نوقش العنف على الحدود داخل البرلمان في اليوم نفسه، حيث دعا سبعة نواب إلى مزيد من التدقيق في مبيعات الأسلحة لإسرائيل، ودعا البعض إلى فرض حظر تام.
لكن الموافقة على منح التراخيص استمرت، بما في ذلك الموافقة على بيع معدات رادار عسكرية، وتقنيات صواريخ، وأجهزة رؤية ليلية، بلغ مجموعها حوالي 18 مليون دولار، بين 30 مارس/آذار وحتى نهاية العام.
مستغلة تراخيص البيع غير العلنية لدول الشرق الأوسط
لا يشمل هذا الرقم المبيعات التي صُرح بها من خلال ما يُدعى التراخيص المفتوحة، التي بموجبها لا يتعيّن على الشركات البريطانية الكشف عن ثمن الأسلحة أو الكميات المباعة علناً.
ارتفع استخدام هذه التراخيص غير العلنية لبيع الأسلحة إلى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 22%، بين عامي 2013 و2017، حسبما أفاد موقع Middle East Eye.
ويعرف الموقع أن وزارة التجارة الدولية راجعت تراخيص التصدير لإسرائيل في أعقاب الأحداث التي وقعت على الحدود، في مايو 2018، لكنها لم تجد ما يشير إلى أن المعدات التي توفرها المملكة المتحدة قد استُخدمت بطريقة تنتهك معايير الترخيص. لكنها ستلغي التراخيص إذا تغير هذا التقييم.
وقال متحدث باسم الوزارة للموقع: «يُنظر في جميع طلبات ترخيص التصدير على أساس كل حالة على حدة، وفقاً للمعايير الدولية، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان. سنلغي أي تراخيص يتبيَّن أنها لم تعد متوافقة مع هذه المعايير».
وأضاف المسؤول البريطاني «نُبقي جميع صادرات الدفاع تحت مراجعة حريصة ومستمرة».
«الرسالة التي ترسلها».. المبيعات ستستمر
لكن أندرو سميث، المتحدث الرسمي باسم حملة Campaign Against the Arms Trade لمكافحة تجارة الأسلحة، قال إنه على الرغم من عدم وضوح ما إذا كانت الأسلحة التي صُنعت في المملكة المتحدة قد استُخدمت ضدَّ المتظاهرين على وجه التحديد أم لا، فإنَّ ما يهم هو رمزية استمرار مبيعات المملكة المتحدة خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة في عامي 2008 و2014.
وأوضح سميث: «إذا لم يوقف إطلاق النار على الحدود مبيعات الأسلحة، وإذا لم يوقفها القصف في عامي 2014 و2008، فماذا سيوقفها أكثر من ذلك؟».
وأضاف: «الرسالة التي ترسلها هي أنه بغض النظر عن الفظائع التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، فإنَّ مبيعات الأسلحة ستستمر».
وتابع أنه من خلال الاستمرار في تسليح ودعم الجيش الإسرائيلي، فإن المملكة المتحدة «تزيد فقط من احتمال أن تؤدي الأسلحة البريطانية دوراً مدمراً في المستقبل».
ورداً على سؤال حول الأرقام التي كشفتها الحكومة البريطانية، أخبر السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة حسام زملط موقع Middle East Eye، أن التأكد من مشروعية مبيعات الأسلحة هو مسؤولية الحكومة البريطانية وحدها، لكنه قال إنَّ هناك سياقاً قانونياً أوسع للنظر فيه إلى ما وراء تجارة الأسلحة.
وأضاف: «حكومة المملكة المتحدة يمكنها أن تقول فقط ما إذا كانت قد قامت بالإجراءات القانونية الواجبة، لسنا على علم بمثل هذه العملية للتأكد من أن هذه الأسلحة لا تؤذي الفلسطينيين الأبرياء، ولا ينتهي بها الحال إلى مساعدة إسرائيل في احتلالها غير القانوني واستعمارها لأرض وشعب فلسطين».
وتابع: «لا يتعلق الأمر فقط بحادثة واضحة محددة فقط، بل يتعلق أيضاً بالصورة الكلية الشاملة للوضع غير القانوني بأكمله لدولة مسيطرة على دولة أخرى وتمارس انتهاكات يومية للقوانين الأساسية للمملكة المتحدة والقانون الدولي».
والشركات مصرّة على «قانونية» صادراتها لإسرائيل
قبل وقت قصير من القتل الجماعي، في 18 مايو/أيار، كاتبت لجنة الرقابة على تصدير الأسلحة في البرلمان البريطاني -وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة تصدير الحكومة للأسلحة- وزير التجارة ليام فوكس، لتسأله عما إذا كانت لديه أي معلومات حول كيفية استخدام بنادق القنص ومكوناتها التي صُرح ببيعها لإسرائيل، في يناير/كانون الثاني عام 2017.
أجاب فوكس أن الشركة التي صدرت البنادق والمكونات، تستخدمها لاختبار الذخيرة في ميدان الرماية الخاص بالشركة.
وكتب: «لقد اقتنعنا أنه لم يكن هناك خطر واضح من أن هذه المعدات قد تستخدم في القمع الداخلي، أو في ارتكاب انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي».
وقال لويد راسل مويل، عضو البرلمان وعضو اللجنة: إن الإجابة «غير مُرضية إلى حدٍّ ما»، ودعا إلى فحص الاستخدام النهائي غير الظاهر للأعين.
وأضاف: «ليس من الجيد إرسال أسلحة لإسرائيل في فترة سلام نسبي، على افتراض أن مخاطر استخدامها منخفضة، لنكتشف خطأنا عندما تشنّ هجوماً آخر غير متناسب على جيرانها».
وفقاً لأرقام وزارة الصحة الفلسطينية، الصادرة يوم الأحد، قُتل 306 أشخاص، وجُرح 35,529 شخصاً، في الاحتجاجات التي أطلق عليها اسم «مسيرة العودة الكبرى»