أعلن البنك المركزي السوداني، الأحد، عن سعر جديد للعملة المحلية، عند مستوى 47.5 جنيه للدولار الواحد، في أول يوم لتطبيق آلية صناع السوق التي أعلن عنها “المركزي” نهاية الأسبوع الماضي.
وبحسب السعر الجديد، فإن قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار، انخفضت بنسبة 63.8%، مقارنة بالسعر الرسمي الذي كان يتم تداول الجنيه على أساسه حتى نهاية الأسبوع الماضي، والبالغ 29 جنيه للدولار الواحد.
وحددت آلية صناع السوق فى أول اجتماع لها اليوم الأحد، سعر الصرف للدولار الأمريكى مقابل الجنيه السودانى عند 47.5 جنيه لسعر الشراء على أن يتم البيع بنسبة زيادة 0.5% من سعر الشراء.
وأكد، الخبير في شؤون الاقتصادات الإفريقية علاء عبد الحليم، أن تراجع سعر صرف الجنيه السواداني أمام العملات الأجنبية، سيؤدي إلى زيادة في أسعار السلع في السوق المحلية، وهو ما سيشعر به المواطن السوداني، ويتحمل تبعاته.
وتوقع عبد الحليم في تصريحات ، أن ترتفع معدلات التضخم بشكل كبير في السودان، نتيجة لانخفاض قيمة الجنيه، خاصة وأن السودان من البلدان المعتمدة على الاستيراد فيما يخص العديد من مدخلات الإنتاج وقطاع الأغذية.
وأكد أن بنك السودان المركزي، يستهدف من إنشاء الآلية الجديدة لتحديد سعر الصرف، جذب تحويلات المغتربين السودانين في الخارج، والتي تقدر بنحو 6 مليارات دولار سنويا.
ووصف عبد الحليم، ما حدث للجنيه السوادني اليوم، بأنه “نصف تعويم”، مضيفا “البنك المركزي يحاول إيجاد سعر موحد للعملة في السوقين الرسمية والموازية، لكن هذا لن يحدث طالما أن البنك المركزي لا يوفر العملة احتياجات السوق من العملة الصعبة”.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن أزمة سوق سعر الصرف في السودان، تحتاج إلى حل شامل سياسي واقتصادي واجتماعي، خاصة وأن السودان لديه إمكانيات اقتصادية هائلة، وعلى رأسها قطاع المعادن، وثروة من الماشية الحية تتجاوز 150 مليون رأس، وأراض زراعية تتجاوز 100 مليون فدان، إضافة إلى ثروة بشرية كبيرة في الخليج العربي وأمريكا وأوروبا.
وطالب البنك المركزي، جميع المصارف وشركات الصرافة، بتطبيق سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني المعلن بواسطة آلية إعلان سعرالصرف على كافة المعاملات بما في ذلك تقييم الأصول والخصوم.
وألزم “المركزي” المصارف وشركات الصرافة بحساب سعر البيع لكافة العملات القابلة للتحويل بإضافة هامش ربح %0.5 كحدٍ أقصى من سعر شراء العملة المعنية.
من جانبه، اعتبر شريف خريبي عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، ومستثمر بالسودان، أن مشكلة السودان سياسية بالدرجة الأولى، نتيجة التأثير السلبي للعقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تم رفعها منذ شهور قليلة، وأعرب عن أمله في أن يكون التغيير الوزاري الذي جرى مؤخرا بمثابة نقطة البداية لإصلاح الأخطاء التي أنهكت الاقتصاد السوداني طوال ثلاثة عقود.
وأضاف خريبي، أنه لا يمكن الحكم على أداء الوزارة السودانية الجديدة، بقيادة معتز موسى، إلا بعد مرور 3 أشهر على الأقل من عملها، فيما تؤكد تصريحات رئيس الوزراء، الذي يحتفظ لنفسه أيضاً بحقيبة وزارة المالية، أنه يعلم أين تكمن العلة بالضبط، ولكنه جاء وسط تنظيم المعارضة لصفوفها وانتقادات مرتفعة الصوت، مما قد يؤثر بالسلب على تحقيق الحكومة الجديدة نتائج ملموسة على المدى القصير.
ورأى شريف خريبي، أن السلطات السودانية تحاول السير على خطى الإدارة المصرية، حيث اتجهوا لإعتماد آلية لتحديد سعر الصرف، قريبة من تحرير سعر الجنيه في مصر، إلا أنه ترافق مع تحرير سعر صرف الجنيه المصري تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وإقامة مشروعات بنية تحتية كبيرة تفتح المجال أمام جذب الاستثمارات الخارجية والداخلية أيضا.
واعتبر خريبي، وهو رئيس شركة كوميسا للاستثمار والتجارة، أن تحرير سعر صرف الجنيه السوداني خطوة جاذبة للاستثمار، في ظل وجود مقومات استثمارية كبيرة بالسودان، حيث تم إزالة كافة معوقات تحويل المستثمرين الأجانب للأرباح من البلاد، عن طريق الجهاز المصرفي، وسط مساعي لتحقيق حرية اقتصادية حقيقية، إلا أنه ينقصها فتح الباب أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في مشروعات البنية التحتية، الكهرباء والطرق بالتحديد، والقضاء على جميع مظاهر الفساد الإداري وبدء حملة توعية شاملة بدخول البلاد في مرحلة إصلاح اقتصادي وبعث الأمل في التغيير في نفوس المواطنين.
وأعلن الدكتور محمد خير الزبير، محافظ بنك السودان المركزي، الخميس الماضي، عن تشكيل لجنة من الخبراء والعاملين في المصارف والصرافات الداخلية والخارجية لتحديد ومعرفة القيمة الواقعية لسعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وفقا لآلية جديدة تسمى “آلية صناع السوق”.
وأوضح الزبير، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية “سونا”، أن هذه الآلية مستقلة مقرها اتحاد المصارف السوداني، هي التي تعلن سعر الصرف اليومي، ودون تدخل من البنك المركزي.
وقال البنك المركزي، إنه بهدف تعظيم العائد من الصادرات والتحويلات الخارجية الأخرى لصالح موارد البلاد من النقد الأجنبي، فقد تم إنشاء آلية مستقلة لإعلان سعر صرف الجنية السوداني مقابل العملات الأخرى وفقاً لمؤشرات العرض والطلب في سوق النقد الأجنبي.