بالرغم من موقعها بين إيطاليا وسويسرا، إلا أن بحيرة كومو ـ شمال مدينة ميلانو الإيطالية ـ شهدت الكثير من الأحداث المؤلمة في أوروبا عبر التاريخ، فالصراع بين حكام إيطاليا، في عهد نابليون بونابرت، لم يقتصر على مبدأ الأرستقراطية في مناطق نفوذ هؤلاء الحكام، بل وصل النزاع بينهم إلى ضفاف تلك البحيرة الهادئة فكل منهم كان يملك قصراً على ضفتي البحيرة الشرقية والغربية.
كان هذا قديماً، أما إبان الحرب العالمية الثانية، فلم يتردد الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني في الفرار مع من بقي من جيشه من روما إلى ضفاف بحيرة كومو، ورمى كنوزه في مياهها، التي تعد الأعمق في أوروبا، وحتى يومنا هذا لم يعثر على تلك الكنوز، التي تحوي مستندات ووثائق تاريخية، إلى جانب جواهر ثمينة.
عندما تم القبض على موسوليني، وخلافاً لما شيع، فقد أعدم في إحدى قرى ضفاف كومو وليس في ساحات مدينة ميلانو.
تعد القصور التي تحيط بالبحيرة بالمئات، أشهرها الذي لعب دوراً مهماً إبان الحرب العالمية الثانية، إذ كان هذا القصر مشفى قبل أن تشتريه عائلة Bucher السويسرية وتحوله إلى ملجأ لعائلات الحلفاء، قبل أن ينتهي به المطاف إلى فندق راقٍ يقصده نجوم ومشاهير العالم. الطريف في الأمر أن الحكومة السويسرية أعلنت مبنى القصر “أراضي سويسرية” بالرغم من وجوده في الأراضي الإيطالية، وذلك لحماية مواطني التحالف الفارين من النازيين في تلك الفترة، إذ لجأ إلى قصر Villa Serbelloni عائلات رومانية ونيوزيلندية ليختبئوا في ذلك القصر، ولعبت الحكومة السويسرية دوراً مهماً في حماية قاطني القصر وذلك بتجميد أموال من يعتدي على سكانه في مصارفها، ما أجبر الفاشيين والنازيين على عدم الاقتراب من هذا القصر التاريخي.
فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل وغيرهما من رجال السياسة قطنوا في هذا القصر الذي يطل على بحيرة كومو الهادئة بعد انتهاء الحرب، واليوم أصبحت قرية Bellagio وبحيرة كومو مقصد نجوم العالم آخرهم ريتشارد برنسون، وجورج كلوني، اللذان اشتريا بيوتاً بالقرب من هذا القصر.
يذكر أن مياه بحيرة كومو العذبة استقطبت الكثير من دور الأزياء الفرنسية والإيطالية لإنشاء مشاغل أوشحة حريرية، إذ عند غسل الأوشحة الحريرية بماء البحيرة يضفي ذلك لمعاناً باهراً على قماش الحرير.