العالم

سبب تخلي إيطاليا عن ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى

يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 1879، أبرمت الإمبراطورية الألمانية وإمبراطورية النمسا-المجر اتفاقية دفاعية ثنائية في سعي منهما لتعديل موازين القوى على الساحة الأوروبية.

وقد عرفت هذه الاتفاقية بالتحالف الثنائي (أو التحالف المزدوج)، حيث تعهد بموجبها الطرفان بتقديم الدعم لبعضهما البعض في حال تعرض أحدهما لهجوم تقوده الإمبراطورية الروسية. كما أكدا على اتخاذهما لموقف الحياد في حال دخول إحداهما في حرب ضد دولة أخرى.

وفي حدود عام 1881، استشاطت إيطاليا غضباً عقب إقدام فرنسا على ضم تونس إلى مستعمراتها. فطيلة الفترة السابقة، عبّرت إيطاليا مرات عديدة عن رغبتها في احتلال تونس بداعي الرابط التاريخي الذي يربطها بها والذي يعود إلى الحقبة الرومانية.

ومع بداية التدخل الفرنسي داخل الأراضي التونسية عام 1881، شهدت العلاقات الفرنسية – الإيطالية تدهوراً غير مسبوق لتطلب إيطاليا إثر ذلك الانضمام للتحالف الثنائي المبرم بين ألمانيا والنمسا.

ورحّب المستشار الألماني، أوتو فون بسمارك، بالعرض الإيطالي، مؤكداً على قدرة هذا التحالف الجديد على إخراج الإمبراطورية الألمانية من العزلة الدبلوماسية التي كانت تعيشها على الساحة العالمية.

المستشار الألماني أوتو فون بسمارك

وفي العشرين من أيار/مايو 1882، انضمت إيطاليا رسمياً إلى التحالف المبرم بين كل من ألمانيا والنمسا لينشأ على إثر ذلك الحلف الثلاثي والذي انضمت إليه رومانيا بشكل سري عام 1883. وعلى مدار السنوات التالية، شهدت اتفاقية التحالف بين هذه الدول العديد من التنقيحات وأضيفت إليها بعض البنود.

وفي تموز/يوليو 1914، كانت الحرب حتمية على الساحة الأوروبية، ولهذا السبب اتجهت إيطاليا للاستعداد من أجل مساندة الألمان والنمساويين ضد الفرنسيين.

وبناءً على اتفاقية التحالف المبرمة سابقاً، تعهد الإيطاليون بمساندة حلفائهم في حال تعرضهم لهجوم. وتبعاً لذلك، استغل الوزير الأول الإيطالي، أنطونيو سالندرا، الموقف ليعتبر التحذير المرسل من قبل النمساويين للصرب عقب حادثة اغتيال ولي عهد النمسا عملاً عدوانياً، ليعلن لاحقاً عدم التزام بلاده بدخول الحرب إلى جانب كل من الإمبراطورية الألمانية وإمبراطورية النمسا-المجر مفضلاً بذلك اتخاذ موقف محايد من النزاع العالمي.

الوزير الأول الإيطالي أنطونيو سالندرا

وفي السنة الأولى من الحرب العالمية الأولى، اتجهت الأطراف المتحاربة إلى استقطاب الدول المحايدة من أجل ضمها إلى صفوفها. وحاولت كل من فرنسا وبريطانيا إغراء إيطاليا بالعديد من الامتيازات والتنازلات في سعي منهما إلى جر الأخيرة لإعلان الحرب على النمسا.

وأمام المردود الضعيف الذي قدمه الجيش النمساوي وهزائمه العديدة على يد الجيش الروسي، تزايدت أطماع الإيطاليين في اقتطاع بعض الأراضي النمساوية لتقدم إيطاليا على التوقيع على اتفاقية لندن يوم السادس والعشرين من نيسان/إبريل 1915، والذي تعهدت من خلالها بالانضمام إلى دول الوفاق الثلاثي للقتال إلى جانب كل من بريطانيا وروسيا وفرنسا عقب حصولها على وعود بمنحها عدداً من الأراضي المتنازع عليها مع النمسا عقب نهاية الحرب.

كاريكاتير ساخر حول الحلف الثلاثي تظهر خلاله إيطاليا وهي تجر نحو الحرب

وفي حدود يوم الثالث والعشرين من أيار/مايو 1915، سجلت إيطاليا رسمياً دخولها للنزاع العالمي عقب إعلانها الحرب على النمسا.

وبناءً على معاهدة لندن، وعدت كل من بريطانيا وفرنسا بتجريد النمسا من مناطق التيرول (Tyrol) وترينتو (Trento)، إضافة إلى كامل أراضي ما يعرف بالساحل النمساوي، الذي يتضمن شبه جزيرة إستريا (Istria) لتمنح لاحقاً إلى إيطاليا.

وتزايدت أطماع الإيطاليين أكثر فأكثر بعد موافقة دول الوفاق الثلاثي على منحهم أجزاءً من دالماسيا وعدداً من المستعمرات الألمانية السابقة بكل من إفريقيا وآسيا.

صورة تقارن بين الأراضي التي وعدت بها إيطاليا أثناء مؤتمر لندن عام 1915 وما كسبته عقب نهاية الحرب

وخلال مؤتمر باريس للسلام عام 1919 الذي تلا نهاية الحرب العالمية الأولى واستسلام ألمانيا، أصيب الوفد الإيطالي بخيبة أمل. فعلى الرغم من حصول إيطاليا على معظم ما جاء في معاهدة لندن عام 1915، رفضت كل من فرنسا وبريطانيا تسليمها أجزاء من شمال دالماسيا كما أقصيت بشكل تام من عملية اقتسام المستعمرات الألمانية السابقة. وبسبب ذلك وقعت بنود اتفاقية السلام وقع الصدمة على الإيطاليين الذين خسروا ما يزيد عن نصف مليون من جنودهم خلال الحرب.

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 0 / 5. Vote count: 0

No votes so far! Be the first to rate this post.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى