أخبار الشرق الأوسطالعالمثقافة و فن

هذه حقيقة أصل النوبيين من مراجع تاريخية (ﺍﻟﻨﻮبيون ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ)


ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺩﻭﺭﺳﻴﻼ ﻫﻴﻮﺳﺘﻮﻥ
ﺗﻠﺨﻴﺺ ﻭﺗﻌﻠﻴﻖ ﺩ. ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻄﺎ ﻣﺪﻧﻰ
ﺍﺳﺘﻬﻞ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻰ ‏(ﺟﻮﺭﺝ ﺟﻴﻤﺲ ‏) ﻗﻮﻟﻪ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ‏(ﺍﻹﺭﺙ
ﺍﻟﻤﺴﺮﻭﻕ ‏) ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ ﻭﺃﺭﺳﻄﻮ ﻗﺪ
ﺳﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﺔ، ﻭﺫﻛﺮ ﻓﻰ
ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺃﻥ ﺍﻷﺻﻞ ﻓﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻭﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ، ﺃﻗﺪﻡ ﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ .
ﻭﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ – ﻭﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻟﻤﺘﺮﺟﻢ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ
ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺩﻭﺭﺳﻴﻼ ﻫﻴﻮﺳﺘﻦ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻏﺎﻧﻢ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ – ﻻﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﺪﻳﻨﺎ ﻭﺭﻋﺎ ﻭﺗﻘﻴﺎ ﻭﻋﻔﻴﻔﺎ ﻭﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺎ.
ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺼﻠﺔ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺑﺴﻼﻟﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺩﻭﺭﺍ ﻓﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻤﺎﺕ
ﻓﻬﻢ ﺃﺣﻔﺎﺩ ﻛﻮﺷﺎﻳﻢ ﺑﻦ ﺣﺎﻡ ﺑﻦ ﻧﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ. ﻓﻘﺪ ﻧﻬﻞ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻮﻥ ﻣﻦ
ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺳﻼﻑ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻋﻘﺎﺋﺪﻫﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ
ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺎﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ – ﻗﺒﻞ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ –
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺏ . ﻭﻫﺬﻩ ﻣﻦ ﺃﺳﺎﺳﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻴﺪﺓ ﺍﻹﺑﺮﺍﻫﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ.
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻮﺑﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻳﺘﻘﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻳﺮﺍﻗﺒﻪ ﻓﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ ‏( ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻭﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺒﻌﻮﺛﻴﻦ ‏) ﻓﻰ ﺗﺮﺍﺛﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻰ .
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺭﻭﺙ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻰ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﻰ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻯ ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻥ
ﻣﻮﺟﻮﺩﺍ ﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻗﺪ ﺗﻢ ﺗﺪﻣﻴﺮﻩ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﺍﻟﺘﻄﺮﻑ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻰ ﺍﻷﻋﻤﻰ، ﻭﻟﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﻣﻨﻪ ﺳﻮﻯ ﺃﻟﻔﻰ ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ ﻓﻰ
ﻣﺘﺎﺣﻒ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻻ ﺗﺠﺪ ﻣﻦ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻣﻦ ﻳﻄﻠﻊ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻳﺠﺮﻯ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻻﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﻣﺎ ﻓﻰ ﺑﻄﻮﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﻭﺣﻜﻤﺔ
ﻭﺇﺭﺙ ﺣﻀﺎﺭﻯ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻷﻗﺪﻡ ﻓﻰ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﻣﺘﺮﺟﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ‏( ﻏﺎﻧﻢ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ‏) ﺣﺪﻳﺜﻪ ﻓﻰ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﻠﻜﺘﺎﺏ
ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺍﺟﻊ ﻣﻮﺛﻮﻗﺔ ﺑﻘﻮﻟﻪ : ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ
ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﻓﻬﻰ ﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ﺇﺫ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ‏(ﻫﻴﺮﻭﺩﻭﺗﺲ ‏) ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ
ﻗﺎﺋﻼ : ﺇﻧﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ ﺍﻟﻌﺎﻗﻠﻮﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺮﺟﻊ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺬﻫﺒﻰ
ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻹﻟﻪ ‏(ﺟﻮﺑﺘﻴﺮ ‏) ﺑﺤﻀﻮﺭ ﻭﻻﺋﻤﻬﻢ ﻭﻣﺄﺩﺑﻬﻢ ﻭﻳﺘﻘﺒﻞ ﻗﺮﺍﺑﻴﻨﻬﻢ . ﻛﻤﺎ
ﻭﺻﻒ ﻫﻴﺮﻭﺩﺗﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎﻡ ﻓﻰ ﻣﻌﺒﺪ ﺃﻣﻮﻥ
ﻓﻰ ﻣﺮﻭﻯ ﻗﺎﺋﻼ : ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺪﻳﻘﺔ ﻭﻣﻴﺪﺍﻥ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻰ ﺍﻟﻀﻮﺍﺣﻰ ﻣﺰﻭﺩﺓ ﺑﻤﻮﺍﺋﺪ
ﻣﻤﻠﻮﺀﺓ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻠﺤﻮﻡ ﻭﺍﻷﺳﻤﺎﻙ ﻭﺗﻘﺪﻡ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻟﻜﻞ
ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻮﺍﺋﺪ ﺗﻘﺪﻡ ﻟﻠﺰﻭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﻭﺍﻟﻄﻼﺏ
ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﺍﻟﻤﺎﺭﻳﻦ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻓﻞ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺒﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ، ﻭﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻳﻮﺿﻊ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ ﻭﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻌﺒﺪ ﻭﺍﻟﻬﻴﻜﻞ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ، ﻭﺍﻟﺬﻯ ﻛﺎﻥ
ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﺟﺎﻣﻌﻴﺔ ﻛﺬﻟﻚ . ‏( ﻓﻬﻤﻨﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ، ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺟﺎﺀﺕ
ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻻﻓﻄﺎﺭ ﺧﺎﺭﺝ ﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻓﻰ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﺇﻳﻘﺎﻑ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻋﻨﻮﺓ
ﻟﻺﻓﻄﺎﺭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ، ﺃﻧﻬﺎ ﻋﺎﺩﺓ ﻧﻮﺑﻴﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺍﻧﺘﺸﺮﺕ ﻓﻰ ﻛﻞ
ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ‏).
ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻏﺎﻧﻢ ﻓﻰ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻗﻮﻟﻪ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ
‏(ﻫﻴﺮﻭﺩﻭﺗﺲ ‏) : ﻭﻣﻦ ﺷﻴﻢ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺍﻟﺮﺟﻮﻟﺔ ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻜﻴﻤﺔ
ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺩ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﻗﻤﺒﻴﺰ ﺍﻟﻔﺎﺭﺳﻰ ﺍﻟﺬﻯ ﺩﻭﺥ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻭﻓﺘﺢ
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺤﺮﻯ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍ ﻟﻐﺰﻭﻫﺎ، ﻭﺑﻌﺚ
ﺍﻟﺴﻔﺮﺍﺀ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﻭﻳﻘﺎﻝ ﺃﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ
ﺟﺒﺔ ﺣﻤﺮﺍﺀ ﻗﻄﻴﻔﺔ ﻭﺫﻫﺐ ﻭﻋﻄﻮﺭﺍ ﻭﺑﺮﻣﻴﻼ ﻣﻦ ﻋﺮﻕ ﺍﻟﺘﻤﺮ، ﻧﻈﺮ ﻣﻠﻚ
ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺎ ﺑﺎﺣﺘﻘﺎﺭ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻬﻢ : ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺳﺘﻐﺮﺏ ﺃﻧﻜﻢ ﺗﺄﻛﻠﻮﻥ
ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻌﻤﺮﻭﻥ ﻛﺜﻴﺮﺍ .. ﻧﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ
ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﺼﺤﺔ ﺟﻴﺪﺓ، ﻭﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﻤﺒﻴﺰ ﺳﻬﻤﺎ ﺣﺪﻳﺪﻳﺎ ﻭﺭﺳﺎﻟﺔ
ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ : ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺜﻨﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻬﻢ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﻯ
ﺍﻟﺼﻠﺐ ﻭﺍﻟﺬﻯ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﻨﻌﻨﺎ، ﺳﻮﻑ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﺍﻥ ﺗﺸﻦ ﺣﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ
ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ !!.
ﻭﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺪ ﺭﺟﻌﺖ ﺍﻟﻰ ﻣﺮﺍﺟﻊ ﺃﺻﻠﻴﺔ ﻣﺜﻞ : ﻛﺘﺐ :
ﺭﺍﻭﻟﻨﺴﻮﻥ ‏( ﺍﻟﻤﻤﺎﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ‏) ، ﻭﺑﻮﻧﺴﻮﻥ ‏(ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ‏)، ﻭﺑﻠﺪﻭﻳﻦ
‏( ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ‏)، ﻭﺩﻳﻮﺩﻭﺭﺱ ﺍﻟﺼﻘﻠﻲ ‏( ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ‏)، ﻭﻫﻴﺮﻭﺩﻭﺗﺲ
‏(ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺜﺎﻧﻰ ‏) ، ﻭﺭﻳﻜﻠﻮﺱ ‏( ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ‏)، ﻭﺍﻳﻤﻴﻠﻴﺎ ﺍﺩﻭﺍﺭﺩﺯ ‏( ﺃﻟﻒ ﻣﻴﻞ
ﻓﻰ ﺃﻫﺎﻟﻰ ﺍﻟﻨﻴﻞ ‏) ، ﻭﻟﻢ ﺗﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻤﺮﻭﻳﺔ ، ﻟﻤﺎ ﺻﺪﻗﻨﺎ ﺣﺮﻓﺎ ﻣﻤﺎ
ﻛﺘﺒﺘﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ. ﻭﺣﺘﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ
ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﻣﻜﺘﻮﺏ ﻭﻣﺤﻔﻮﻅ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﻟﻰ
ﺍﺳﺘﻨﺒﺎﻁ ﻣﺎﻫﻮ ﻣﺨﺒﻮﺀ ﻓﻰ ﺑﻄﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻧﺠﻬﻠﻬﺎ
ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻦ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮﺓ …
ﻭﺗﻘﻮﻝ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ‏( ﺩﻭﺭﺳﻴﻼ ﻫﻴﻮﺳﺘﻮﻥ ‏) : ﺍﻥ ﺍﻟﺤﻔﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻗﺎﻡ
ﺑﻬﺎ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺛﺎﺭ ‏(ﺍﻟﺴﻴﺮ ﻣﺎﺛﻴﻮ ﻓﻼﻧﺪﺭﺯ ‏) ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ﻛﺸﻔﺖ ﻋﻦ
ﺁﺛﺎﺭ ﺟﻨﺲ ﺳﺒﻖ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻯ ﻗﺎﻡ
ﺑﺘﻌﻤﻴﺮ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﻭﻗﺪ ﺳﻤﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺲ
ﺍﻟﺮﺍﺋﺪ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﻭﻗﺪ ﻣﺸﺎﻋﻞ ﺍﻟﻔﻦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ‏( ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﺍﻟﺴﻤﺮ ‏) ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺴﻮﺍ
ﺃﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ. ﻭﻣﺒﺘﻜﺮﻭﺍ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ . ﻭﻗﺪ ﺍﻣﺘﺪ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﺳﻴﺎ
ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﻭﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻭﺷﻤﺎﻝ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﻣﻦ
ﺍﻭﺍﺳﻂ ﺍﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ. ‏( ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺳﺎﺑﻖ ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﻌﻨﺨﻰ
ﻭﺗﻬﺎﺭﻗﺎ ﻟﻮﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ﺑﺴﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﺟﺪﺍ ‏). ﻭﺗﻘﻮﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ
ﻳﺨﻔﻰ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻢ ﻟﻤﺼﺮ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ
ﻭﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻠﻲ ﻋﻠﻤﻪ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ؟ ﻭﻗﺎﻟﺖ ﺣﺘﻰ
ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻷﻏﺮﻳﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ‏( ﺯﻳﻮﺱ ‏) ﻭ ‏(ﺟﻮﺑﺘﻴﺮ ‏) ﻫﻰ ﺁﻟﻬﺔ ﻧﻮﺑﻴﺔ ﺃﺻﻼ ..
‏( ﻭﺗﻮﺍﺻﻞ ‏) ﻟﻘﺪ ﺣﻜﻢ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﺑﻼﺩﺍ ﺗﻤﺘﺪ ﻋﺒﺮ ﺛﻼﺙ ﻗﺎﺭﺍﺕ ﻵﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ .
ﻓﻬﻞ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺪﺓ ﺃﻃﻮﻝ ﻟﻴﻌﺮﻑ ﻣﻦ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﻌﻠﻤﻮﻥ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ ﺍﻣﺎﻡ ﻣﺠﻬﻮﺩﺍﺗﻬﻢ ﻓﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﻻﺳﻜﻨﺪﺭ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻭﻳﻮﻟﻴﻮﺱ ﻗﻴﺼﺮ
ﻭﻧﺎﺑﻠﻴﻮﻥ؟ ﻭﺗﺘﺴﺎﺀﻝ : ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ‏( ﻣﺨﺎﻭﻑ ‏) ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﺲ
ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻛﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻻﻏﺮﻳﻖ ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻌﻬﻮﺩ
ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ؟
ﻟﻘﺪ ﺑﻨﻰ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﻣﺪﻧﺎ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺍﻣﺘﺪﺕ ﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﺣﻮﻝ ﻧﻄﺎﻕ ﺣﻮﺽ ﺍﻟﺒﺤﺮ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻭﺍﻟﺘﻰ ﺗﺒﺪﻭ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺃﻧﺠﺰﺕ ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻋﻤﺎﻟﻘﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺑﺮﺍﻋﺔ
ﻭﻋﺒﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﻛﻞ ﻋﻠﻢ ﻭﻣﻌﺮﻓﺔ
ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻮﻥ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻭﻧﻘﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻰ ﺑﻼﺩ ﺍﻷﻏﺮﻳﻖ
ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ .. ‏(ﺣﺪﻳﺚ ﻳﻀﻌﻨﺎ ﻛﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺃﻣﺎﻡ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻭﺧﻄﻴﺮﺓ، ﻭﻻ
ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺇﻵﻡ ﺳﻴﺆﻭﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮ ﻭﻣﻦ ﺳﻴﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺘﻪ ؟ ‏)
ﺗﻘﻮﻝ ﻣﺆﻟﻔﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ : ﻟﻘﺪ ﺗﻌﻮﺩﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﻳﻘﻄﻨﻮﻥ
ﻓﻘﻂ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ . ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﻩ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺇﻥ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﺨﺮﺍﺋﻂ
ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﻣﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﺗﻜﺸﻒ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺃﺭﺍﺿﻰ
ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﺮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻭﻣﻤﺘﺪﺓ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ. ﻓﻘﺪ ﺃﻭﺿﺢ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ‏(ﺭﻭﺯﻧﻤﻮﻟﺮ ‏) ﺑﺄﻥ ﺍﺳﻢ ﻛﻮﺵ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ
ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﻰ ﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﺃﺳﺒﺎﻧﻴﺎ !!.. ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻵﺧﺮ ﺃﻥ
ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻄﻠﻘﻮﻥ ﺍﺳﻢ ﻛﻮﺵ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻨﻬﺮﻯ ﺍﻟﺴﻨﺪ
ﻭﺍﻟﺠﺎﻧﺞ ‏(ﺭﻭﺯﻧﻤﻮﻟﺮ : ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺎ ﺍﻹﻧﺠﻴﻠﻴﺔ ﺝ3، ﺹ154 ‏) ﻭﺿﻤﺖ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ
ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﺇﻳﺮﺍﻥ . ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻗﺪﻡ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺎﺕ .
ﻓﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻤﺆﺭﺥ ‏(ﺍﺳﻄﻔﺎﻧﻮﺱ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻰ ‏) ﻣﻌﺒﺮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ
ﻟﻠﺘﺎﺭﻳﺦ ‏( ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺃﻭﻝ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ
ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﻫﻢ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺳﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ‏) ‏( ﻭﻟﻴﺲ ﺣﻤﻮﺭﺍﺑﻲ ﻓﻰ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ‏).
ﻟﻘﺪ ﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺕ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﺓ ﻣﻦ ﺇﺭﺙ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻯﺀ
ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺣﺠﺮ
ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻓﻰ ﺣﻜﻢ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﺮ
ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﺮ ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﻝ ﻭﺍﻟﻤﺜﺎﺑﺮﺓ. ﺇﻥ ﻣﻌﻈﻢ ﻛﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﺗﺘﺴﻢ
ﺑﺎﻟﺴﻄﺤﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﻗﺒﻞ ﻗﻴﺎﻡ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﻭﺟﺰﺭﻩ ﻋﺎﻣﺮﺓ
ﺑﺎﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺠﺬﺍﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ، ﻭﺍﻥ ﺁﻟﻬﺔ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻥ ﻣﺎ ﻫﻢ ﺇﻻ ﻣﻠﻮﻙ ﻭﻣﻠﻜﺎﺕ ﻣﺴﺘﻌﺎﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺗﻬﺎ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻰ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ.
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ‏( ﺑﻮﻧﺴﻦ ‏) ” ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﺎﺕ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺗﻤﺘﺪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻵﺳﻴﺎ ﻭﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻭﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻟﻠﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﻴﺪﻳﻴﻦ ﻭﻓﺎﺭﺱ ﻭﺳﻮﺳﺔ ‏( ﻋﻴﻼﻡ ﺍﻻﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ‏) ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻵﺭﻳﻴﻦ . ﺃﻯ ﺍﻟﺒﻼﺩ
ﺍﻟﻤﻤﺘﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺮ ﺩﺟﻠﺔ، ﺇﻧﻬﻢ ﺭﻭﺍﺩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻭﺑﻨﺎﺓ
ﺍﻟﺼﺮﻭﺡ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺔ ﻓﻰ ﺳﻬﻞ ﺷﻨﻌﺎﺭ ‏(ﺑﺎﺑﻞ ‏) ، ﻭﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﻭﻯ
ﺇﻟﻰ ﻣﻤﻔﻴﺲ. ﻛﻤﺎ ﺃﻗﺎﻣﻮﺍ ﺻﺮﻭﺣﺎ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻰ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﺣﻮﻝ ﻧﻬﺮ
ﺍﻟﻤﺴﻴﺴﺒﻰ ﻭﺟﻨﻮﺑﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ ﻭﺑﻴﺮﻭ ﺣﻴﺚ ﺗﻘﻒ ﺁﺛﺎﺭﻫﻢ ﻛﺸﻬﻮﺩ ﻋﻠﻰ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ، ﻫﺬﻩ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺷﻤﻠﺖ ﺛﻼﺙ
ﻗﺎﺭﺍﺕ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﺗﻘﺪﺭ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﻢ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻰ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻭﺗﺼﻔﻬﻢ ﺑﺎﻟﺠﻨﺲ ﺍﻷﺳﻤﺮ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻐﺎﻣﻀﺔ.
ﺗﻌﻠﻴﻖ ‏(1 ‏) : ﻓﻰ ﺳﺘﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻰ ﺣﺎﻭﻝ ﻋﺎﻟﻢ ﻧﺮﻭﻳﺠﻲ ﺍﺳﻤﻪ ‏(ﺛﻮﺭ
ﻫﺎﻳﺪﺍﻝ ‏) ﺃﻥ ﻳﺴﺎﻓﺮ ﻣﻦ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﻣﺼﺮ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ ﻓﻰ ﻗﺎﺭﺏ
ﻣﻨﺴﻮﺝ ﻣﻦ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﻭﺃﻏﺼﺎﻥ ﻧﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﺮﺩﻯ ﻟﻴﺜﺒﺖ ﺍﻟﺼﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺣﻀﺎﺭﺓ ﻣﺼﺮ
ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻭﺣﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﻧﻜﺎ ﻭﺍﻷﺯﺗﻴﻚ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺑﻨﻮﺍ
ﺃﻫﺮﺍﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ، ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻰ
ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﻏﺮﻕ ﻗﺎﺭﺑﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺍﻷﻃﻠﻨﻄﻲ، ﻭﺗﻢ ﺇﻧﻘﺎﺫﻩ ﻭﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ
ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺷﻰﺀ . ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻗﺪ ﺍﺗﻀﺤﺖ ﺍﻵﻥ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ
ﺑﺎﻣﺘﺪﺍﺩﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺣﻞ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ ﻭﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ ﻗﺪ ﻧﻘﻠﺖ ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ ﻓﻰ ﻫﻨﺪﺳﺔ
ﺑﻨﺎﺀ ﺍﻻﻫﺮﺍﻣﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ
ﻋﻠﻤﻰ ﻭﺃﺛﺮﻯ.
ﻭﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ‏(ﺩﻭﺭﺳﻴﻼ ‏) ﻋﺮﺽ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺬﻫﻠﺔ ﻗﺎﺋﻠﺔ : ﻟﻘﺪ ﺃﻭﺭﺩ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ‏(ﻭﻟﻔﺮﺩ ‏) ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺑﺘﺒﺤﺮﻩ ﻓﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻬﻨﺪﻯ ﺃﻥ ﻟﻔﻆ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﻗﺪ
ﺗﺮﺩﺩ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺴﻨﺴﻜﺮﻳﺘﻴﺔ ﺍﻟﻬﻨﺪﻳﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺤﺴﺐ
‏( ﺍﻟﺒﻮﺭﻧﺎ ‏) ﻭﻫﻮ ﻛﺘﺎﺏ ﻫﻨﺪﻯ ﻗﺪﻳﻢ، ﻣﻘﺴﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﻗﺴﺎﻡ. ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﺎ
ﺇﻗﻠﻴﻢ ‏( ﻛﻮﺷﺎ ﺩﻭﻳﺒﺎ ‏) ﺍﻟﺬﻯ ﻳﺸﻤﻞ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺃﺳﻴﺎ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ
ﻭﺃﺭﻣﻴﻨﻴﺎ ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝ، ﻭﻣﻨﺎﻃﻖ
ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ
ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﻮﺓ ﻭﺛﺮﺍﺀﺍ ﻭﺍﺳﺘﻨﺎﺭﺓ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻴﻨﻴﻘﻴﻮﻥ ‏(ﻓﻰ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ‏)
ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﻳﻔﺘﺨﺮﻭﻥ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﻨﺘﻤﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﺵ، ﻭﻋﻨﺪ
ﻣﻄﺎﻟﻌﺘﻨﺎ ﻟﻜﺘﺎﺏ ‏( ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ‏) ﻧﺠﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ ﺗﺬﻛﺮ ﺃﻥ ﺑﻼﺩ ﻛﻮﺵ ﻗﺪ
ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻰ ﻭﺍﺩﻯ ﺍﻟﻨﻴﻞ ﻭﺑﻼﺩ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﺛﻢ ﺗﻮﺳﻌﺖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ . ﻭﻗﺪ ﺗﺄﺳﺴﺖ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺟﺢ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻰ 7000 ﻭ 8000 ﻋﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ
ﺃﻗﺪﻡ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻗﺪﻣﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻰ
ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﺔ ﻗﺪ ﺃﺳﺴﺖ
ﻧﻈﺎﻣﺎ ﻭﺷﺒﻜﺔ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺭﺑﻄﺖ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺗﻔﻮﻗﻮﺍ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻬﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺤﺮﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺳﺒﻘﺖ ﺣﻀﺎﺭﺗﻬﻢ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﺯﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ
ﺍﻹﻏﺮﻳﻘﻰ ‏( ﻫﻮﻣﻴﺮﻭﺱ ‏).
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻷﻟﻤﺎﻧﻰ ‏( ﺃﺭﻧﻮﻟﺪ ﻫﻴﺮﻳﻦ ‏) ﺍﻟﺬﻯ ﻗﺪﻣﺖ ﺃﺑﺤﺎﺛﻪ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻗﻴﻤﺔ
ﻟﻠﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺄﺧﺮﻳﻦ : ‏( ﻣﻨﺬ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺮﺍﻫﻦ، ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺷﻬﺮﺓ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺗﺎﺭﻳﺨﻬﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﻏﻤﻮﺿﺎ ‏) .
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺷﻌﻮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻗﺪ ﻧﺴﺠﺖ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺎﺕ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﺭﻙ ﻭﺣﺮﻭﺏ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ
ﻭﻓﺘﻮﺣﺎﺕ ﺍﺑﻄﺎﻟﻬﻢ ﻭﻣﻨﺬ ﺃﺯﻣﻨﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺗﻢ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻓﻰ ﺃﺳﺎﻃﻴﺮ
ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ، ﻭﺫﻛﺮﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻊ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺃﻥ ﺁﻟﻬﺔ ﺍﻹﻏﺮﻳﻖ ‏(ﺩﻳﻮﻧﺴﻴﻮﺱ
ﻭﻫﺮﻛﻴﻮﻟﺰ ﻭﺯﻳﻮﺱ ﻭﺃﺑﻮﻟﻮ ‏) ، ﻣﺎ ﻫﻢ ﺍﻻ ﻣﻠﻮﻙ ﻛﻮﺷﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﺯﻣﻨﺔ
ﺍﻟﻐﺎﺑﺮﺓ . ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﺤﺎﻣﻞ ﻭﻣﺤﺎﻭﻻﺕ ﺇﺭﺿﺎﺀ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ
ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻮﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ
ﺍﻟﺮﺍﺋﻌﺔ .
ﻭﺍﻟﻤﺆﻟﻢ ﻓﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﺣﻀﺎﺭﺗﻨﺎ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻴﻊ .. ﻻﺩﻭﻟﺔ ﺗﻬﺘﻢ، ﻭﻻ ﻭﺯﺍﺭﺓ
ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻀﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺭﺙ ﺿﻤﻦ ﺃﻭﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ
ﺑﻌﻤﻞ ﺻﻴﺎﻧﺔ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻷﺛﺎﺭ ﻭﺗﺠﺬﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺍﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻟﺪﻳﻨﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻄﻘﺔ
ﺃﻫﺮﺍﻣﺎﺕ ﻓﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ‏( 232 ﻫﺮﻣﺎ ‏) ، ﺑﻞ ﺃﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎﻳﻮﺟﻊ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻣﻦ
ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﻏﺮﺍﻗﻬﺎ .. ﺗﺮﺿﻴﺔ ﻟﺘﻮﺟﻬﺎﺕ ﺣﺰﺑﻴﺔ ﻻﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ
ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻻ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ !!..
ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻜﺎﺗﺒﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ
ﻣﺮﺍﺟﻌﻬﺎ ﺍﻷﺻﻴﻠﺔ ﻭﺍﻷﺻﻠﻴﺔ ﻓﺘﻘﻮﻝ : ﺇﻥ ﺇﻧﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﻜﻮﺷﻴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﻨﺤﺖ ﻭﺍﻟﺮﺳﻢ ﻭﺍﻟﺪﺭﺍﻣﺎ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻬﺎ
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺮﺍﺋﺪﺓ ﻓﻰ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻵﻟﻬﺔ ‏( ﺗﻌﻠﻴﻖ :
ﺃﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ ﻓﻄﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﻮﺑﻴﻴﻦ ﻣﻨﺬ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ
ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺘﺪﻳﻦ ﻫﻰ ﺍﻟﺘﻰ ﺟﻌﻠﺖ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻳﻨﺘﺸﺮ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ
ﻓﻰ ﺃﺻﻘﺎﻉ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺩﻭﻥ ﻓﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻴﻮﺵ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪﺙ
ﻟﻤﺼﺮ ﻭﺍﻟﺸﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺷﻤﺎﻝ ﺃﻓﺮﻳﻘﻴﺎ . ﻭﻧﻈﺮﺍ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻟﻼﺭﺙ
ﺍﻟﻨﻮﺑﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺪﻳﻦ، ﻭﻟﺜﺒﻮﺕ ﺃﻭﻝ ﻫﺠﺮﺓ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎ
ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺍﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺃﻯ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﺴﻤﺮ ﺃﻭ ﺃﺭﺽ
ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻗﺔ ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ، ﻭﺑﻮﺟﻮﺩ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺑﺤﺎﺙ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺜﺒﺖ ﺃﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ
ﺑﻼﻝ ﻣﺆﺫﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻫﺬﻩ
ﻭﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﺛﻴﻮﺑﻴﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ. ‏( ﺃﺑﺤﺎﺙ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻄﻴﺐ ‏) ﻟﻜﻞ
ﻫﺬﺍ، ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺼﺪﺭ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﺴﻤﺤﺔ ﻭﺍﻟﻮﺳﻄﻴﺔ
ﺇﻟﻰ ﺑﻘﻴﺔ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻰ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻰ، ﻭﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻰ ﺗﻌﻄﻞ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻨﺒﻴﻞ، ﻫﻮ ﺍﻟﺘﺴﺮﻉ ﻓﻰ ﺍﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻤﻀﻠﻠﺔ ﻣﻦ
ﻣﺼﺮ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺍﻹﺧﻮﺍﻧﻰ ﻭﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺼﻮﻓﻴﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ، ﻭﻧﺴﻴﺎﻥ
ﺍﻹﺭﺙ ﺍﻟﻨﻮﺑﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻔﻄﺮﻯ في حب التدين

How useful was this post?

Click on a star to rate it!

Average rating 3.7 / 5. Vote count: 3

No votes so far! Be the first to rate this post.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى