أعدمت الشرطة العسكرية البريطانية سجلات خاصة بجنود سابقين فُصلوا من الخدمة بالقوات المسلحة لاتهامهم بالمثلية الجنسية، بحسب ما علمت بي بي سي نيوز.
وكان جنديان سابقان قد طلبا وثائق تتعلق بتحقيقات واستجوابات أجرتها معهما الشرطة العسكرية، وقيل لهما إن السجلات أُعدمت في عام 2010.
وقالت وزارة الدفاع لبي بي سي إن من واجبها القانوني ضمان حذف التفاصيل من سجلات الخدمة العسكرية.
بيد أن مجموعة تدعم قضايا الجنود السابقين قالت: “بالنسبة للكثيرين، قد يبدو هذا وكأنه نوع من التستر”.
ولم تكشف وزارة الدفاع البريطانية إعدام السجلات إلا بعد أن تواصل جنديان سابقان مع بي بي سي نيوز، وقالا إنهما لم يتمكنا من الحصول على سجلات التحقيقات العسكرية الخاصة بحياتهما الجنسية.
وقالت المجموعة، التي تعرف باسم “كفاح بفخر”، إنه من دون هذه المعلومات قد يكون من الصعب على أعضائها مطالبة الحكومة برواتب تقاعد أو تعويضات ضائعة.
وكانت الخدمة العسكرية، حتى عام 2000، تمنع المثليين جنسيا من الخدمة في الجيش. وتُجرى حاليا مراجعة مستقلة تهدف إلى بحث كيفية تعامل القوات المسلحة مع أعضاء مجتمع الميم، (المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والعابرين/العابرات جنسيا).
شعور بالعار
خدمت جين ماكدونالد برتبة عريف في سلاح الجيش الملكي النسائي، بيد أنها فُصلت من الخدمة في عام 1981 لكونها مثلية.
وقالت لبي بي سي: “في لحظة واحدة تكتشف أنك فقدت حياتك المهنية بأكملها، وفقدت أصدقاءك، وخسرت مسكنك، بل أسلوب حياتك كله، إنه مجرد شعور بالعار”.
وبعد سنوات من اضطراب صحتها النفسية، شخّص أطباء حالتها باضطراب ما بعد الصدمة، وفي مايو/أيار العام الجاري، طلبت سجلات خدمتها الكاملة من وزارة الدفاع.
وتلقت في وقت سابق رسالة بالبريد الإلكتروني تفيد بأن جميع سجلات التحقيق معها من جانب الشرطة العسكرية الملكية قد أُعدمت عام 2010، وقالت الرسالة الإلكترونية إن ذلك بناء على أوامر صادرة من “مجلس قيادة شرطة الدفاع”.
وأضافت الرسالة: “جميع التحقيقات في الجرائم المتعلقة بالجنس فقط … يتحتم محوها من أنظمتنا وحذفها من سجلات الجنود المتضررين”.
وأسفر البحث في قاعدة بيانات الشرطة العسكرية عن وثيقة واحدة فقط، توضح تفصيلا أسباب الفصل من الخدمة، جاء في نصها: “سلوك مشين من شخص – عمل غير طبيعي”.
وقالت ماكدونالد إن الأمر جعلها تشعر بأنها ” غائبة”.
كما تحدثت بي بي سي مع جندي سابق آخر، اكتشف أيضا أن سجله في خدمة الشرطة العسكرية قد أُعدم.
خدم تريمين كورنيش، 66 عاما، في سلاح توريد الأغذية بالجيش الملكي، واجتاز أيضا دورة تدريبية للكوماندوز، والتحق في الخدمة في سن الخامسة عشرة وفُصل في عام 1977 بعد اتهامه بالمثلية الجنسية.
شعرت بغضب شديد
وقال: “سلب (الجيش) حياتي وتطلعاتي المستقبلية وشعوري بالقيمة”.
وعندما تقدم بطلب للحصول على سجلات خدمته الكاملة خلال العام الجاري، قيل له أيضا: “أُعدمت المستندات المتعلقة بتحقيقات الشرطة بشكل آمن ومناسب”.
وقيل له إن ذلك جرى “وفقا لضوابط الشرطة وحماية البيانات”.
وعلى الرغم من ذلك قال كورنيش إن الإجراء عزز “رهاب المثلية داخل المؤسسة والذي تضررنا منه. شعرت بغضب شديد، غضب من الدولة، وغضب من المؤسسة، ومن القوات التي انضممنا إليها”.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي، أنها بصدد إجراء مراجعة مستقلة لإعادة النظر في تأثير حظر الخدمة العسكرية على أفراد مجتمع الميم.
وبدأ اللورد إثيرتون، الذي يشرف على المراجعة، جمع الأدلة ومن المرجح أن ينظر في الوسائل الممكنة للتعويض.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع إن “السياسة التاريخية التي تحظر خدمة المثليين جنسيا في القوات المسلحة هي سياسة بغيضة”.
وأضاف: “من دواعي أسفنا الشديد أن أعضاء مجتمع الميم الذين خدموا في (وزارة) الدفاع، عانوا من ظلم نتيجة لذلك. وأولويتنا الآن هي فهم التأثير الكامل للحظر التاريخي وإيجاد السبل المناسبة لمعالجة أخطاء الماضي”.
وقال المتحدث: “كانت السياسة المتبعة في ذلك الوقت هي التخلص من كل ما يشير إلى هذه الجرائم السابقة والتحقيقات من سجلات الخدمة. كان هناك واجب قانوني يضمن محو هذه السجلات من سجلات خدمة الأفراد”.
وتشير تقديرات مجموعة “كفاح بفخر” أن ما بين 5 آلاف إلى 15 ألف شخص، رجل وامرأة، ربما تأثروا بالسياسة خلال الفترة بين عامي 1967 و 2000.
ويدعو الآن كرايغ جونز، من المجموعة، إلى اجتماع عاجل مع وزير الدفاع.
وقال جونز لبي بي سي: “لك أن تتخيل كيف يبدو الأمر بالنسبة لأشخاص يجدون صعوبة كبيرة في الثقة بوزارة الدفاع والحكومة”.
وأضاف أن وزارة الدفاع بحاجة إلى توضيح ما الذي فعلته، وما هي الأسباب التي دفعتها لذلك.