أعلنت الهيئة المانحة لجوائز نوبل، الجمعة 11 أكتوبر/تشرين الأول 2019، عن فوز رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام.
وجاء فوز آبي أحمد متفوقاً على قائمة تشمل أيضاً غريتا ثنبيرغ الناشطة البيئية السويدية ذات الـ16 عاماً.
وبحسب شركتي المراهنات Betfair وWilliam Hill، فإن آبي أحمد كان ثاني المرشحين الأوفر حظاً لنيل الجائزة بعد ثنبيرغ.
وتبلغ قيمة هذه الجائزة تسعة ملايين كرونة سويدية أي ما يساوي حوالي 900 ألف دولار، وسيكون تقديمها في أوسلو في العاشر من ديسمبر كانون الأول.
لماذا آبي يستحق الجائزة؟
يقول أوول آلو، زميل إثيوبي وأستاذ مساعد في القانون بجامعة كيلي البريطانية بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية:
يستحق رئيس الوزراء هذه الجائزة لدوره في إنهاء الحرب بين إثيوبيا وإريتريا المستمرة منذ 20 عاماً؛ وهي حرب عديمة جدوى اندلعت حول أرض متنازع عليها كبَّدت البلدين خسائر بشرية واقتصادية هائلة.
وقال: «أعتقد أنَّ ما فعله آبي في ملف إريتريا شجاع ومميز. أعتقد أنَّ الكثير من الناس يرون أن ما فعله يستحق التقدير».
وأضاف آلو: «البلدان لم يعودا في حالة حرب. واجتمع شمل عائلات عدة بعد استعادة حركة الطيران بين البلدين. وتجددت العلاقات المتوقفة منذ 20 عاماً».
إضافة إلى ذلك، انهالت الإشادات مؤخراً على آبي، البالغ من العمر 43 عاماً، بعد أن توسط في التوصل لاتفاق حول مشاركة السلطة في دولة الجوار السودان؛ حيث أدى حدوث كارثة سياسية إلى اعتقال عمر البشير الذي يحكم منذ 3 عقود.
وقال آلو: «وهذا يبرهن أيضاً أنه شخص يأخذ السلام والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي على محمل الجد».
إشادات وانتقادات
تولى آبي أحمد رئاسة وزراء إثيوبيا في أبريل/نيسان 2018؛ ليصبح بذلك أول شخص من جماعة الأورومو يدير البلاد.
وقوبلت الإصلاحات التي تبناها آبي بالاستحسان، لكنها لم تسلم أيضاً من الانتقادات، في واحدة من أعلى البلدان الإفريقية كثافة سكانية؛ إذ يبلغ تعداد سكان إثيوبيا 100 مليون نسمة.
وشهدت الشهور الأولى من رئاسة آبي للحكومة اتخاذه قرارات جريئة وتقدمية؛ إذ أطلق سراح صحفيين، وسجناء سياسيين في البلاد، وأدان تعرضهم للتعذيب. والتقى آبي أيضاً بمعارضيه السياسيين وشخصيات من المجتمع المدني لمناقشة الإصلاحات، ودعا الأحزاب السياسية المنفية للعودة إلى بلادها.
وشَرَع في تنفيذ إصلاحات مؤسسية هائلة، بما في ذلك في قطاعي الأمن والعدل.
ولم تُستثن النساء من أجندة إصلاحات آبي التقدمية؛ إذ أظهر التزامه بالمساواة بين الجنسين من خلال اختيار نصف وزرائه من النساء.
ولاقت مبادراته وإصلاحاته ترحيباً من المجتمع الدولي؛ منها على سبيل المثال زراعة مليون شجرة في الدولة للحد من آثار التغير المناخي.
استرضاء الغرب
على الجانب الآخر، يعتقد البعض أنَّ آبي أحمد لا يستحق جائزة نوبل وغير جدير بها، من بينهم دانييل بيرهان، وهو مُدوِّن بارز في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
إذ قال بيرهان، في تصريح لشبكة CNN الأمريكية: «لا أعتقد أنه سيفوز، ولا يجب أن يفوز. إن حدث هذا، فسيكون ذلك بمثابة تأييد لشخص لا يحب المؤسسات أو العمل الجماعي، بل يكتفي بإخراج أفكار غير مدروسة بما يكفي تهدف لاسترضاء الغرب».
وأضاف: «ومن شأن فوزه بالجائزة أن يُفاقِم شعوره بالنرجسية، ويُدمِر آفاق إجراء إصلاحات مؤسسية وتحقيق الاستقرار في الدولة».
من جانبه، يشيد جوار محمد، المدير التنفيذي لشركة Oromia Media Network الإعلامية، بما أنجزه آبي إلى الآن، لكنه يعتقد أنَّ هناك شوطاً طويلاً لا بد من قطعه أولاً قبل أن تتمكن إصلاحات رئيس الوزراء من تحقيق الاستقرار في واحدة من أكثر المناطق اضطراباً في العالم.
وجوار محمد هو شخصية سياسية بارزة داخل إثيوبيا وبين الجاليات الإثيوبية الكبرى في أوروبا وشمال إفريقيا.
وفي تصريح لشبكة CNN، قال محمد: «قام رئيس الوزراء آبي بعمل رائع بتحقيق السلام مع البلدان المجاورة وداخلها».
واستطرد: “ومع ذلك، لا يزال أمامه الكثير لتحقيق السلام على الصعيد الوطني، ولضمان نجاح التحول الديمقراطي».
اقتصاد سريع النمو
يسعى آبي لمواجهة تشريد الأشخاص في أجزاء مختلفة من البلاد، بما في ذلك في إقليم أوروميا وولاية أمهرة.
ووفقاً لمركز Internal Displacement Monitoring Centre، نزح 2.9 مليون شخص في عام 2018؛ نتيجة النزاعات المشتعلة في إثيوبيا.
ويهدد غياب الأمن في إثيوبيا تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ أتاح آبي للمستثمرين ضخ الأموال في شركات الاتصالات والكهرباء وحتى شركات الطيران الحكومية. ويُتوقَع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للدولة إلى 100 مليار دولار بحلول 2020؛ مما سيجعلها واحدة من أسرع الاقتصاديات نمواً في المنطقة.
من جانبها، علَّقت بيلين سيوم، المتحدثة باسم مكتب آبي، تقول إنَّ بقية العالم ربما يكون متخبطاً في رأيه حول ترشيح آبي لجائزة نوبل، أو في توقعاته حول فرص فوزه، إلا أنَّ هذه هي حقيقة الوضع.
وقالت بيلين لشبكة CNN: «من جهتنا، لن نصدر أي تعليق أو رد فعل على تكهنات»