ولا تجب الأضحية في حق المسلم إلا إذا فرضها هو على نفسه، وذلك بالنذر فيقول نذرت هذه الشاة لله ؛وحينئذ فأنه يتصدق بها كلها للفقراء ،أما إذا لم ينذر وفعلها على سبيل أنها سنة فانه يمكن له أن يعطيها كلها للفقراء ،ويمكن له أيضا أن يجعل ثلثها للفقراء وثلثها للأصدقاء ويأكل هو ثلثها. وأخرج البيهقي بإسناد حسن أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان مخافة أن ترى الناس ذلك واجبا.
إذا ذبح أحدنا الشاه فهي عن الأسرة كلها حتى إن العائلة الكبيرة كالرجل وأبناؤه وأحفاده لو سكنوا في محل واحد فان هذه الشاة تكفي عن أهل البيت كلهم مع تعددهم وتعدد أسرهم. والبقرة تكفي عن سبعة أفراد. وكانوا قديماً يشترطون سناً معيناً للشاة أو البقرة، وأن الشاة لابد أن تكون سنة ،والبقر لابد أن يكون سنتين، والعلة في ذلك الرغبة في كثرة اللحم حتى يستفيد الناس، وهذه العلة بعينها أصبحت متوفرة الآن عن طريق طرق التغذية وتربية الحيوان الحديثة في أسنان أقل من هذا ،بحيث أنك لا تجد في الأسواق هذه الأسنان ؛حيث أنهم لو ابقوا الحيوان لهذه الأسنان فسوف ينخفض وزنه والعبرة بكثرة اللحم لا بالسن، ومفهوم ذلك منقول أيضا عن الأمام الرافعي والعبادي والبغوي من الشافعية واخذوا بذلك من عموم خبر أحمد وغيره: ضحوا بالجزع من الضأن فأنه جائز. وكل تعليل الفقهاء في شروط الأضحية يدور عن نقص اللحم وهذا أمر مهم كثر السؤال فيه واختلط حكمه على بعضهم.
وهناك آداب يتحلى به من أراد ذبح الأضحية، منها : أنه إذا بدأ ذو الحجة لا يقلم أظفاره ولا يحلق رأسه تشبه بالحجيج، قال النبي ﷺ : «من أراد أن يضحى فلا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئا من شعره في العشر من ذي الحجة» [رواه ابن حبان]. والتشبه بالحجاج والمحرمين يشبع شيئا من أشواق المشتاقين إلى زيارة البيت الحرام.
ويسن أيضا أن يذبحها بنفسه وإلا فليشهدها، وأن يتصدق بجلدها ويجوز أيضا أن ينتفع به لنفسه، ولا يعطي أجر الجزار منها بل يعطيه أجراً مستقلاً ثم إذا أراد أن يعطيه منها زائداً على أجره فعلى سبيل الهدية أو الصدقة .
أ.د. #علي_جمعة
الأضحية في اللغة جاءت من الضحوة أي وقت الضحى ؛حيث إنها تذبح بعد صلاة العيد ولابد بحيث إننا لو ذبحنا قبل صلاة العيد لم تكن أضحية. ويستمر وقتها إلى مغرب اليوم الثالث للتشريق وهو رابع أيام العيد، والأضحية سنة مشروعة من شعائر الله تعالى، يثاب عليها فاعلها ولا يعاقب تاركها، قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ) وورد في صحيح مسلم أن النبي ﷺ ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيديه وسمّى وكبّر، والأملح في اللغة هو الأبيض الخالص، وجاء في سنن الترمذي ومستدرك الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال: ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم، والتضحية بالأنعام سنة في حقنا ولكنها كانت واجبة في حق النبي المصطفى ﷺ فقد روى الإمام الترمذي عن سيدنا رسول الله ﷺ: أُمرت بالنحر وهو سنة لكم.