قال ثلاثة مسؤولين أتراك، الإثنين 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إن الرئيس رجب طيب أردوغان ربما يلغي زيارة لواشنطن مقررةً الأسبوع المقبل؛ احتجاجاً على تصويت في مجلس النواب الأمريكي باعتبار قتل الأرمن قبل قرن مضى، إبادة جماعية، وسعي المجلس لفرض عقوبات على تركيا.
أردوغان قد يلغي زيارته لأمريكا بعد تصويت في الكونغرس
ومن المقرر أن يزور أردوغان واشنطن في الـ13 من نوفمبر/تشرين الثاني، بدعوة من الرئيس دونالد ترامب، لكنه قال الأسبوع الماضي، إن التصويت يضع «علامة استفهام» على خطط الزيارة.
وقال مسؤول تركي كبير: «هذه التحركات تلقي بظلالها بشدة على العلاقات بين البلدين، وبسبب هذه القرارات فإن زيارة أردوغان قد عُلِّقت»، مضيفاً أن قراراً نهائياً لم يُتخذ بعد.
وتقول مصادر تركية إن ترامب وأردوغان بينهما رابط قوي رغم الغضب في الكونغرس من العملية التركية بسوريا، وشراء أنقرة منظومة دفاع جوية روسية، ورغم ما تعتبره أنقرة تصريحات هوجاء من ترامب.
وقد تلعب هذه الروابط دوراً مهماً في ظل شراء تركيا منظومة إس-400 الدفاعية الروسية، وهي صفقة تستوجب عقوبات بموجب القانون الأمريكي.
وتم تعليق مشاركة تركيا في برنامج طائرات إف-35، الذي تلعب فيه دور المنتِج والمستهلِك، كما هيّأ الهجوم الذي شنته على القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الأجواء لمزيد من الردود الأمريكية.
ورغم أن ترامب بدا كأنه يُخلي الطريق للغزو التركي بسحب القوات الأمريكية، فقد فرض البيت الأبيض عقوبات لفترة قصيرة، قبل أن يرفعها بموجب اتفاق لوقف القتال وإجلاء المقاتلين الأكراد من الحدود.
لكن بعد ذلك بأسبوعين، أثار التصويت في الكونغرس غضب تركيا مرة أخرى.
كان مجلس النواب الأمريكي قد اتهم تركيا بارتكاب جرائم ضد الأرمن
حيث أيد مجلس النواب الأمريكي، بأغلبية ساحقة، قراراً يعترف بأن عمليات القتل الجماعي التي تعرَّض لها الأرمن قبل 100 عام، إبادة جماعية، في تصويت رمزي لكنه تاريخي، سارعت تركيا إلى التنديد به.
ووافق المجلس، الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، بأغلبية 405 أصوات مقابل 11 صوتاً، على القرار الذي يؤكد أن سياسة الولايات المتحدة التي تعتبر مقتل 1.5 مليون أرمني على يد الإمبراطورية العثمانية خلال الفترة من 1915 إلى 1923، إبادة جماعية.
ويسلط ذلك التشريع الضوء على إحباط الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس من الحكومة التركية.
وبعد قليل من ذلك التصويت، وافق مجلس النواب بأغلبية ساحقة أيضاً على قرار يطالب الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات وقيود أخرى على تركيا والمسؤولين الأتراك، بسبب هجوم أنقرة في شمال سوريا.
وصوَّت أعضاء المجلس، بأغلبية 403 أصوات، لصالح القرار مقابل 16 صوتاً. ويندرج في إطار مساعي الديمقراطيين وكثير من الجمهوريين في الكونغرس لدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته إلى إنهاء الهجوم على القوات الكردية، التي ساعدت القوات الأمريكية في الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية».
وتقبل تركيا بأن كثيراً من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية قُتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها تشكك في الأرقام وتنفي حدوث القتل على نحو ممنهج أو أنه يمثل إبادة جماعية.
وتعتبر أنقرة أن التدخل الخارجي في هذه القضية تهديد لسيادتها.
ورفضت تركيا موقف «النواب الأمريكي»
وسارعت تركيا إلى التنديد بكلا التشريعين، قائلةً إن قرار الإبادة الجماعية «يخلو من أي أساس تاريخي أو قانوني… وباعتباره خطوة سياسية بلا معنى، فإنه موجَّه فحسب إلى جماعات الضغط الأرمنية وتلك المناهضة لتركيا».
وفيما يتعلق بقرار العقوبات، قالت وزارة خارجيتها إن التدابير العقابية التي تستهدف كبار المسؤولين الأتراك والقوات المسلحة التركية «لا تتفق مع روح تحالفنا في حلف شمال الأطلسي»، وتتعارض مع اتفاق وقف إطلاق النار في شمال سوريا، الذي جرى التوصل إليه مع إدارة ترامب في 17 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت الوزارة في بيان: «نحث الكونغرس الأمريكي على عدم استغلال القضايا الثنائية في الاستهلاك السياسي المحلي، وعلى العمل وفقاً لروح تحالفنا وشراكتنا»، داعيةً إدارة ترامب إلى التحرك، لكيلا يلحق مزيد من الضرر بالعلاقات.
وتعتبر تركيا الأكراد في شمال سوريا تهديداً أمنياً. ويشعر كثير من أعضاء الكونغرس بغضب شديد من الهجوم على القوات الكردية، التي كانت تقاتل حتى وقت قريب، إلى جانب القوات الأمريكية ضد متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية».