أُعلن في تونس رسمياً عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي تصدرتها حركة «النهضة» بحصولها على 52 مقعداً في البرلمان من مجموع 217 مقعداً، يليها حزب «قلب تونس» بـ38 مقعداً.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في مؤتمر صحفي، إن «التيار الديمقراطي» حصل على 22 مقعداً، تلاه «ائتلاف الكرامة» بـ21 مقعداً، ثم الحزب الدستوري الحر بـ17 مقعداً ومن الحزب الدستوري 17 وحركة الشعب 16 و «تحيا تونس» 14، و «مشروع تونس» 4، ومقاعد أخرى حصلت على 33.
بدأت تتشكل في تونس بوادر أزمة سياسية بعد أن أظهرت المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات البرلمانية عدم فوز أي حزب بأغلبية مريحة تتيح له تشكيل حكومة بمفرده وأن الطريق لتشكيل حكومة جديدة سيكون وعرا.
ويتعين على الحكومة الجديدة في تونس أن تعالج على وجه السرعة مشكلات اقتصادية ومالية مزمنة.
وقالت القيادية بحركة النهضة يامينة الزغلامي لـ «رويترز»: «نحن نعي جيداً أن مهمة تكوين حكومة ستكون صعبة ومُعقدة».
وقال عدة منافسين لحزب النهضة، إنهم لن ينضموا إلى حكومة يقودها، ويواجه التونسيون احتمال إجراء مفاوضات مطولة وإمكانية إجراء انتخابات أخرى إذا لم يتسنَّ الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية.
وبعد ثماني سنوات على تخليص البلاد من الحكم الاستبدادي، يشعر كثير من التونسيين بخيبة أمل من فشل حكومات ائتلافية متعاقبة في معالجة المشاكل الاقتصادية، كما ينذر رفضهم للأحزاب الكبرى بفترة اضطرابات جديدة.
وسيكون أمام حزب النهضة شهران لتشكيل حكومة ائتلافية. وبعدها يمكن أن يطلب الرئيس من سياسي يختاره هو محاولة تشكيل حكومة. وإذا أخفق ذلك أيضاً بعد شهرين، فسيعود التونسيون لصناديق الاقتراع مجدداً.
ويتنافس في جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية الأسبوع المقبل قيس سعيّد، وهو سياسي مستقل، ونبيل القروي، وهو قطب إعلامي متهم بالفساد.
خطوط حمراء
وقال عبدالكريم الهاروني القيادي بحركة النهضة، الليلة الماضية، إنه يأمل تفادي إجراء انتخابات برلمانية جديدة، وإن الحركة ستسعى لتشكيل ائتلاف من بين الأحزاب المعارضة للفساد.
وتشكيل حكومة ائتلافية يتطلب أغلبية 109 مقاعد مؤيدة في البرلمان.
وقبل الانتخابات استبعدت حركة النهضة وحزب القروي (قلب تونس)، الذي حل في المرتبة الثانية بالبرلمان، المشاركة في ائتلاف حاكم معاً. وكرر متحدث باسم القروي الموقف نفسه بعد الانتخابات أمس، واصفاً ذلك بأنه «خط أحمر».
وقال محمد عبو رئيس حزب التيار الديمقراطي: «سنكوّن معارضة جدية ومسؤولة».
وعلى الرغم من ذلك، قال حزب ائتلاف الكرامة المحافظ إنه لا يمانع التحالف مع حركة النهضة.
ويترتب على أي شلل سياسي مخاطر جديدة لاقتصاد هش لم يتعافَ قط من صدمة ثورة 2011 التي أنهت عقوداً من الاستبداد وفتحت الباب أمام الديمقراطية وفجَّرت ثورات «الربيع العربي».
وتحاول تونس، بتشجيع من صندوق النقد الدولي، كبح جماح الدَّين العام الذي يتضخم، في حين يسعى الزعماء السياسيون لكسب الناخبين من خلال تشغيلهم بالوظائف الحكومية.
ومع ذلك، تصل معدلات البطالة إلى 15 بالمئة على مستوى البلاد و30 بالمئة في بعض المدن، ولا يزال معدل التضخم مرتفعاً عند 6.8 في المئة، وبدأت السياحة تستردُّ عافيتها هذا العام فقط بعد هجومين لمتشددين عام 2015 دفعا عديداً من الدول إلى تحذير مواطنيها من زيارة تونس.
وأسهمت المعاناة الاقتصادية في مناهضة الناخبين التونسيين لمؤسسات الدولة ومعاقبتهم للأحزاب الكبرى بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي.