في ظاهرة جديدة بالولايات المتحدة الأمريكية شكلت قلقاً للأطباء، رصدت بعض مستشفيات مدينة نيويورك تردد بعض المرضى النفسيين لتلقي العلاج، وبعد الكشف على تاريخهم المرضي اكتشف أنهم قد أصيبوا بفيروس كورونا خلال الاشهر الماضية.
الدكتور هيثم جويلي، أحد الأطباء النفسيين في مستشفى الأمراض النفسية في لونغ أيلاند، رصد هذه الحالات بعد تردد إحدى المريضات عليه في المستشفى، والتي كانت تعمل أخصائية علاج طبيعي وأماً لأربعة أطفال، ولم تظهر عليها أعراض مرضٍ نفسي من قبل وليس لها تاريخٌ عائلي مع المرض العقلي.
لكنّها كانت هناك تجلس على الطاولة داخل غرفة بجدران من اللون البيج في مستشفى ساوث أوكس بنيويورك، في إحدى مرات العلاج، وتنتحب قائلةً إنّها تستمر في تخيّل أطفالها- عامان إلى 10 أعوام- يتعرضون للقتل بوحشية وأنّها وضعت بنفسها خططاً لقتلهم وفق تقرير نشرته صحيفة New York Times الأمريكية يوم الإثنين 28 ديسمبر/كانون الأول 2020.
أطباء يرصدون كارثة صحية لقلة من مرضى كورونا
التقرير أشار إلى أن الأمر البارز في حالة أخصائية العلاج الطبيعي أنها ترفض إجراء أي مقابلات مع أشخاص أو صحفيين لكنها بطبيعة الحال سمحت للدكتور هيثم جويلي بالكشف عن تفاصيل حالتها وهي أنها مصابة بفيروس كورونا في الربيع.
حيث ظهرت عليها أعراضٌ جسدية خفيفة نتيجة الفيروس، تطورت الحالة معها حيث بدأت منذ أشهر بعد تعافيها من فيروس كورونا في سماع الأصوات التي كانت تطلب منها في البداية قتل نفسها ثم بدأت تأمرها بقتل أطفالها.
حالة أخصائية العلاج الطبيعي ليست الوحيدة، بل إن التقرير أشار إلى أن الأطباء في المستشفى أبلغوا عن حالات مشابهة بنفس الحالة، فضلاً عن أن هناك بعض الحالات الأخرى من مرضى كورونا طوروا أعراض ذهانٍ حادة بعد أسابيع من إصابتهم بفيروس كورونا.
في المقابل قال التقرير إن الأطباء وصفوا الحالات في مقابلاتهم، مثل حالة موظفة دار رعاية
(36 عاماً) في كارولينا الشمالية حيث أُصيبت بجنون الشك لدرجة قناعتها بأنّ أطفالها الثلاثة سيتعرضون للاختطاف، ولإنقاذهم حاولت إدخالهم إلى مطعم وجبات سريعة عبر النافذة. حسب قول التقرير.
بالإضافة إلى حالة عامل بناء (30 عاماً) يعيش في مدينة نيويورك تخيل أن ابن عمه سيقتله، لذلك فقد حاول أن يقتل ابن عمه ليحمي نفسه، فضلاً عن سيدة تعيش في بريطانيا أصابتها هلاوس بها قرود وأسد، وباتت مقتنعة أنّ أفراد عائلتها قد حلّ محلهم أناسٌ ينتحلون شخصياتهم، على حد وصف التقرير.
دراسة بريطانية تخص مرضى كورونا
فيما أشار التقرير نقلاً عن دراسة بريطانية أجريت على 153 حالة من مرضى كورونا، حيث وجدوا أن هناك 10 من هذه الحالات أصيبوا بحالة “ذهان جديدة”. في حين قالت دراسة أخرى إن هناك 10 مرضى كورونا كانوا بنفس الأعراض في إسبانيا.
من ناحية أخرى يقول علماء إنّهم يتوقعون أنّ هذا النوع من الخلل النفسي الحاد يُؤثّر فقط على نسبة صغيرة من المرضى. لكن الحالات تُعد مثالاً على إحدى وسائل كوفيد-19 في التأثير على الصحة العقلية ووظائف الدماغ.
في حين ورغم أن كورونا يُسبّب ضيق التنفس بشكلٍ أساسي، فقد أصبح لدينا أدلة على العديد من الأعراض الأخرى، ومنها التأثيرات العصبية والإدراكية والنفسية التي قد تظهر حتى لدى الأشخاص الذين لم يُصابوا بمشكلات خطيرة في الرئة والقلب والدورة الدموية.
أما من الناحية الجسدية، فقد ظهرت أعراض أخرى على مرضى كورونا مثل وخز اليدين، والدوار، والصداع، وضعف حاسة الشم. وبعد أسبوعين أو عدة أشهر، يقول إنّهم “أُصيبوا بهذا الذهان، وهو أمرٌ خطيرٌ ومرعب بشدة لكل المحيطين بهم”.
في المقابل أشار التقرير إلى أن هذه الحالات التي تعرضت للأمراض النفسية هي في أعمار الثلاثينات والأربعينات والخمسينات وهو أمر غريب لأن الفصام (أعراض المرض النفسي التي ظهرت على مرضى كورونا) كثيراً ما يصاحب الشباب الصغار في السن.
تفاوت الأعراض على نطاق واسع
من ناحية أخرى قال خبراء معنيون بالأمر إن الأعراض تفاوتت على نطاقٍ واسع، وبعضها كان حاداً أكثر من المعتاد بالنسبة لنوبات الذهان الأولى. حيث قال جويلي إنّه صادف صيدلانية (46 عاماً) أحضرتها عائلتها بعد أن بدأت تُعرب عن خوفها من أن الأرواح الشريرة قد غزت منزلها، و”ظلّت تبكي لأربعة أيام حرفياً” داخل المستشفى.
في المقابل تفاوتت أيضاً فترات الإصابة بالذهان واستجابة المرضى للعلاج. حيث إن هناك سيدة بريطانية كانت تعاني من أعراض جنون الارتياب من اللون الأحمر والذعر من أن الممرضات هن شياطين قد استغرقت 40 يوماً للتعافي.
فيما ختم جويلي كلامه بالقول إنه لا يوجد أحد يعرف المسار الطبيعي لهذه الحالة، وإنه ما زال هناك المزيد من الأسئلة التي لا إجابة عنها، على حد قوله.